-->
U3F1ZWV6ZTI3NTM2NTg0MDg3X0FjdGl2YXRpb24zMTE5NTE1MDY0NTU=
recent
أهم المواضيع

الاحتساب بالبذاءة


في الآونة الأخيرة وعبر مواقع التواصل خرج على المجتمعات نمط سلوكي قبيح جداً يلبس أصحابهُ قناع التديّن والإحتساب بينما هم غارقون في الفُحش والبذاءة تجاه الآخرين , المشكلة الأكبر أنّ البعض منهم يظنّ فعلاً أنّه لا يزال في دائرة التديّن ولم يُغادرها .

 وقف الكثير من المُثقّفين والمُفكّرين وأصحاب الطّرح في حيرة من أمرهم في أسباب هذا الكمّ الّلافت من البذاءة تجاه الرأي الآخر وتجاه المُختلف , والواقع أنّه لا يوجد سبب وحيد أو مُباشر وإنّما هي عدّة عوامل أدّت إلى وجود هذا السّلوك العدائي المُتربّص .

 من أهمّ تلك العوامل الفهم القديم والمغلوط والمُنحرف عن فكرة الإحتساب والتديّن وأنّها مساحة تستوعب كل شيء في سبيل الدّفاع عن الرأي الدّيني , وطبعاً ذلك الفهم خرج جُزء كبير منه من كتب التُراث وجُزء آخر من البيئة وأحاديث المجتمع .

 أيضاً من الأسباب المُهمّة هو الإعراض التامّ عن فكرة (الخلاف الفقهي) والتشبثّ الدّائم برأي أوحد وتجاهُل ما عداه أو التصادُم بشكل عنيف معه , كذلك من ضمن الأسباب إعتقاد البعض بأن لبس الأقنعة في مواقع التواصل يُلغي الضّمير والأخلاق بحيث يكون مسموحاً له التمادي والتعرّي من الأخلاق , لذلك كل قِناع في مواقع التواصل يتكلّم بلهجة التديّن هو محلّ شكّ وريبة حتى يثبُت العكس .

 ومن الأسباب أيضاً الإنصراف عن مضمون الفكرة ومحور الموضوع والتركيز على الأشخاص ومُحاولة جرد كل تاريخهم لإيجاد سبب وتبرير لرفض رأيهم الحالي , وحتى لا تضيع الجهود التربويّة والتعليمية سُدى من الأفضل الوقوف بحرص وعناية على هذا الأمر المُؤثّر والمُحرج , وتصحيح فكرة أن التديّن ليس مُجرّد مظاهر وطقوس وشكليّات وإنّما هو بالدّرجة الأولى سلوك ومُعاملات , إذ أنّه لا يُعقل بأن ترى من ينهى الناس عن سماع الموسيقى مثلاً أو عن التصوير بينما هو واقع في القذف والشّتمم وأقذر الأوصاف مثل الدّياثة وغيرها .

 إذاً يبدو أن هناك من يظنّ أن بإمكانه أن ينحرف كما يشاء وفي ذات الوقت يُمارس الإحتساب ! وهذه الفكرة تُشبه إلى حدّ كبير الرّقص مع الشيطان .
الاسمبريد إلكترونيرسالة