الشهرة من الأشياء التي لها بريق ولمعان وجذابة بحيث يتأثر او يطمح إليها الكثير من الناس ولكن الوقوع تحت أضواء تلك الشهرة له الكثير من التبعات والسلبيات التي لا يمكن حصرها أو معرفتها إلا بالدخول في تلك التجربة ، قديما كانت الشهرة عبارة عن سلّم طويل يجب الصعود عليه بشكل متدرج و بذل مجهود كبير للوصول الى القمّة بحيث أن الشخص المشهور يستحق بجدارة تلك الشهرة عندما بذل وأعطى من وقته ومجهوده ليصل الى تلك المرحلة وبالتالي وجد أن المشهور في تلك الفترة لديه رصيد محترم جداً من العلم والبذل والعطاء أو الاستحقاق الفنّي او الابداع وهكذا .
و في هذا الزمن أصبحت الشهرة بين ليلة وضحاها أو بين عشية وضحاها تحدث سريعاَ في أيام وربّما في ساعات وغالباً ما يكون السبب تافه أو لا قيمة له ومع ذلك يُحقّق الشهرة والوصول الواسع على أقصى نطاق في العالم وفي كل مكان ، وبالتالي فإن مقاييس وضوابط الشهرة تغيرت كثيراً عن الزمن السابق فأصبحت رديئة و سهلة و متاحة للجميع الغث والسمين والصالح والطالح الناجح والفاشل ، صفة الشهرة لم تعد بتلك القيمة الموجودة سابقا أصبحت رخيصة و يمكن أن يصل إليها الجميع ، نأتي الى سلبيات الشهرة التي من أهمها الوقوع تحت سطوة النّقد وكثرت المراقبة في كل مكان وانتقادات الأفعال والأقوال بشكل من الصعب احتماله وبالتالي يدخل الإنسان في دوامة صراعات غير متناهية في محاولة إرضاء او إقناع الجميع ولكن دون جدوى .
المشهور يقع تحت أنظار مجاميع كبيرة جداً من الجمهور وبكل أطيافه و تنوع عقلياته وبالتالي يكون في زحام من الأفكار والانطباعات التي قد يتقبل بعضها و قد يرفض بعضها الآخر ولكن يبقى أن التبعات النفسيه لن يستطيع منعها ولهذا تجد الكثير من المشاهير يتعرضون إلى الإرهاق النفسي والإجهاد مما يثار حولهم في المواقع والقنوات لأن المشهور لا يمتلك محيط شخصي يرتاح فيه وإنما هو في حاله تواجد مستمره في كل مكان للأسف ان الشهرة اليوم قدمت لنا نماذج في الغالب هي سيئة لأنها وصلت بسرعه وبدون أسباب منطقيه أو معقوله تجعلهم يصلون إلى هذه المرتبه بجدارة ، أصبحت المهزلة والتهريج من أهم شروط الوصول السريع إلى الشحن الإسفاف مادة جاهزة للوصول إلى مرتبة الشهرة ، أصبح هذا الأمر غير مستغرب ومن الأمور الاعتيادية في المواقع .
ولكن تجدر الإشارة بأن الشهرة التي تأتي سريعاً فغالباً هي تذهب أيضاً بذات السرعة بعكس تلك التي جاءت بخطوات واثقة و استحقاق صحيح فإنها تتثبت و تتأسّس وتمضي عليها السنوات دون أن تتغير ، ربما تكون الشهرة بحد ذاتها ليست طموحاً عند الإنسان الناجح وإنما هي تأتي تباعاً لما قدّمه ، بينما الفاشل يستهدف الشهرة بذاتها ويبذل الأسباب مهما كانت سخيفة أو خالية من المضمون وفعلاً هو يصل ويحقق هدفه من الشهرة بأعلى مستوياتها ولكنّه مُحاط بنوعية رديئة من الجمهور وهذه حقيقة لايمكن إنكارها أبداً ، وللأسف أنه في هذا الوقت من الصعب تغيير معايير الشهرة وجعلها أكثر عقلانية ومنطقية لأنها اندفعت بقوة نحو المضمون السيئ وأصبح هو الجزء المتمكن في الواقع وأصبح لها جمهور يُدافعون عنها لأنها أحد أهم المواد التي يتابعونها ويهتمون بها رغم أنها لا تفيدهم بشيء ولكنهم يريدون هذا الانعدام للفائدة ويريدون مجرد التسليةبغضّ النظر عن المضامين الخاوية ، هي مسألة ملء للأوقات وهروب من الملل بأي شكل من الأشكال، والحاصل أن المواقع أصبحت مزدحمة بهذا النوع من الأشياء في حين أن الشهرة الجيدة لم تنعدم ولا زالت موجودة بل إنّها اصبحت مميزة أكثر من السابق لأنها أصبحت تُقارن بتلك الشهرة الرخيصة وبالتالي صارت أثمن وأندر و ذات قيمة أعلى ، والخلاصة هي أنّ الشّهرة وتقييمها يعتمد على الذائقة والاختيار الشخصي لكل إنسان وهو يعتمد في ذلك على رصيده من المعرفة والثقافة الجيدة حتى يصل الى جودة الاختيار وحسن الذائقة .