قديماً ومنذ بداية ظهور الفن أو المجالات الفنية من السينما والمسرح والتلفزيون كان يستخدم المؤلف او كاتب النص الاغراء حتى يدعم بعض الصور الفنية الموجودة في العمل وليس من أجل الإغراء وإثارة الغرائز بالتحديد إذاً المسألة كانت مجرد خدمة للنص وتقديم عمل متكامل يتضمن بعض مشاهد الإغراء ليس أكثر وهذا يظهر بشكل واضح في الأعمال القديمة في فترة الستينات .
ثم تغيرت هذه الفكرة في فترة السبعينات فأصبح التركيز التام على إثارة الغرائز والإثارة للمشاهد فأصبحت سمة طاغية في تلك الحقبة وكانت الأعمال التي من هذا النوع كثيرة في تلك الفترة الزمنية حيث كان التركيز على مشاهد الإثارة والتي طغت على الجودة ثم يتغير هذا الأمر جذرياً في فترة الثمانينات حيث ازدهرت الأعمال الفنية ذات الجودة العالية التي خلّدها التاريخ سواء على المستوى العربي أو الخليجي و سواءً على مستوى المسرح أو غيره من المجالات الفنية ، وقد ازدهرت فيها أفضل و أجود الأعمال الفنية و خاصة بمجال التلفزيون وكتابة المسلسلات ذات الحبكة الرائعة والقصة المميزة كما تصادفت مع وجود كوكبة من أروع الفنانين الذين قدموا لنا أعمال لا تزال موجودة في الذاكرة ، استمر هذا الأمر لعدة سنوات .
ثم بداية الألفين تغيّر هذا الأمرتدريجياً وأصبح التركيز مرة أخرى على إثارة الغرائز في الأعمال الفنية ، الكاتب الجيد يستخدم مجال الإغراء في إضافة صورة تخدم النص الفني ولا تزيد عليه لتصل الى الإسفاف وإثارة الغرائز من أجل تسويق العمل والحصول على أكبر عدد من المشاهدين و للأسف أن هذه الميزة أظهرت لنا مجموعة من الكتاب الذين قدموا لنا أعمال خالية من الحركة الفنية ومن المضمون الجيد ومليئة بالمشاهد التي تثير الغرائز ليس أكثر، ربّما الكتاب والمنتجين الذين قاموا بهذه الأعمال ربحوا من خلالها أموالاً طائلة لكنهم لم يكسبو جمهور جيد ولا وجود جيد في المجال الفني وبالتالي أصبح لدينا زخم كبير من هذه الأعمال و أيضاً وجود فئة من الجمهور تتطلع إليها وتجري خلفها بشكل كبير.
ومع كثرة النّقد لهذه الأعمال وكثرة الهجوم عليها إلاّ أن جمهورها كثير جداً وفي كل مكان وربّما هذا هو السبب الرئيسي لوجودها واستمرارها ، هناك من ينتقد ها ويشتمها وفي ذات الوقت هو يتابعها بشغف ويبحث عنها إذاً المشكله ليست في الكاتب بالتحديد ولا في المخرج وإنّما في ذائقه الجمهور التي أوجدت مثل هذه الأعمال من حيث المشاهدة لها ومن حيث طلب وجودها ، فلولا أن هذه الذائقه السيئة موجودة لما ذهب المؤلفين الى كتابة مثل هذه النصوص الرديئة لكنهم يستجيبون مع الطلب ورغبات الجمهور ربما ليس الكلّ يبحث عن هذه الأعمال ولكن للأسف أن الأغلبية الموجودة حالياً هم جمهور هذه النوعية من الأعمال .
الشيء المؤسف أكثر هو تحوّل الكثير من النجوم المعروفين والذين وصلوا إلى مستويات كبيرة لدى الجمهور و لهم تاريخ عريق في المجال الفني إلاّ أنّهم اصبحوا جزءاً من هذه الأعمال ومن المشاركة فيها رغم أنّهم لا تنقصهم الحاجة المادية ولا الجماهيرية ولا أي شيء من ذلك إلا أنّهم انخرطوا فيها بشكل غريب وصاروا يركزون عليها حتى أنّ بعض الأعمال أصبحت كتلة من الإثارة ليس فيها مضمون ولا هدف ولا شيء مُجرد دوران حول هذه الفكرة ، ما نتطلّع إليه هو عودة النص الفني الى جودة السابقة حتى تتمكن المواهب الفنية الحقيقية من التواجد لأن الإسفاف لايخدم الموهبة الجيدة وإنما قد يدمّر وجود الفنان حتى وإن كان لديه موهبة إذاً الخلاصة أنّ الإغراء في المجال الفنّي ليس هدفاً ولا غاية وإنما هو مجرّد إضافة قد تخدم النصّ أحيانا وتضيف إليه وذلك بما لا يصل إلى تشويه الأخلاق المُتعمّد .