إعلان منتصف المقال
يُفترض بأنّ أي علاقة أو معرفة في بدايتها أن تلتزم مجال الحياد ، فلا تذهب ناحية الثّقة ولا ناحية التشكيك والرّيبة ، لأنّ المُبرّرات والشّواهد لا زالت غائبة وغير موجودة ومُجرّد الفرضيّات لا تكفي ، بعض التجارب العصيبة والمؤلمة تترُك أثراً نفسياً عميقاً يجعل الشّك بمرتبة الأولويّة ويستبعد أو يُلغي إمكانيّة الثّقة .الافتقاد التامّ للوثوق في الآخرين سوف يؤدّي إلى تعطيل الكثير من المصالح ويزيد من الأعباء والمتاعب ، الثّقة في الآخرين يجب أن لا تنعدم لكنّها تبقى نسبيّة بحسب المعرفة والمعاشرة وأيضاً لا تصل إلى درجة الكمال والإطلاق فهذا أيضاً تهوّر ومُجازفة .
كما أنّ الثّقة في الأخرين هي امتداد للثّقة بالنّفس وأيضاً هي ذات منشأ طفولي لأنّها تتكوّن مُنذ سنّ مُبكّرة جداً ، فمن فقدها وهو صغير سيكون من الصّعب عليه إيجادها وهو كبير ، إذاً فقدان الثّقة في الآخرين هي مشكلة في الشخص نفسه وليست في الآخرين .
الانعزال والانفراد يبدو حلاّ لكنّه ليس كذلك ، فلا يُمكن لأحد أن يكتفي بنفسه إلى الأبد ، مفهوم الثّقة قد يختلف فيه النّاس من واقع عقولهم وفهمهم ولكن المهمّ أنّ الغايات والمقاصد مُتشابهه ، ومن يعرف قيمة وأهميّة الثّقة فلن يُفرّط فيها أو يخدشها لأنّها توهب لمرّة واحدة ثم تُغادر وقد لا تعود ، الخلاصة أن إعطاء الثّقة يحتاج أسباباً كما أن نزعها أو عدم إعطاءها يحتاج أسباباً أيضاً وعدا ذلك يبقى الحياد هو سيّد الموقف ، ويصدق في ذلك قول المثل (حرّص ولا تُخوّن) .